جــواز عـلـي الـورق !

الأربعاء، 5 أغسطس 2009





 


جــواز عـلـي الـورق !












 في بعض الأوقات  يكون الصمت  علي بعض الأشياء راحة .. راحة لنفسك  فعلا من الكلام بلا طائل  والشرح المستفيض . خاصة اذا كان  الموضوع  كأحد الموضوعات علي طراز ان شخصا  قال لك مثلا  : علي فكرة الحر اللي بنحس بيه ده في الصيف مش من الشمس... لانها بتبقي موجودة بردو في الشتا لكن مش بنحس بنفس الاحساس ! ..


طبعا   مجرد  مثال خفيف  كدا ..ورد الفعل هنا مثلا انك  تسكت  خالص مش لسة هتقوله لأ الحرارة الزيادة من حركة الارض حوالين الشمس مثلا والكلام اللي خدناه زمان في العلوم ده ! ..  فعلا تحس ان  الشرح و الكلام ملوش لازمة .. هو  الراجل براحته ..  والموضوع اساسا  محسوم من غير كلام نهائي .. ان هو  مش  بيفكر طبيعي !


بمعني اصح انه : علي ايه وجع القلب يعني من الأساس .. الكلام مش هيفيد  حاجة  ..غير ان اللي قدامك يقتنع .. ولو اقتنع  انتا هتستفاد ؟! .. والله علي حسب الشخص نفسه  يهمني ولا لأ ..!


انا بشكل عام لما بتكلم بتكلم من باب الكلام ليس  إلا .. بقول الي عندي .. وجهة نظري .. رغم ان في بعض الأوقات  بفضل الصمت  وبيبقي منظري اكني أبكم  لا يعرف الكلام ..لان وقتها ببقي شايف ان القضية محسومة  ومش مستاهلة كلام اصلا ..


نقطة بقي  ان الموضوع نفسة  محسوم  الكلام و ان له  نتيجة واحدة مش اتنين وانه مش محتاج اي جدل او نقاش  .. في حد ذاتها تختلف من شخص  للتاني ..وهنا  بقي تقع المشكلة !


مسألة مثلا  انا بعتبرها خلصانة ومش محتاجة كلام  اساسا  رغم انها عملت  قضاااايا برة  ومداولات علي الفضائيات  و نقطة نزاع استغلها اعلاميين الفضائيات بشكل  يحسدون عليه في انهم يختلقوا معارك علي الهوا بين الضيوف واطراف المشكلة لكي يزيدوا  نسب مشاهدة البرنامج ! 


المسألة هي :


 


ترك الزوج  لزوجته والسفر للعمل في الخارج !  .. سواء بقي الخارج ده  دولة  اوروبية ولا  دولة عربية  ولا حتي محافظة !


الموضوع في رأيي مش محتاج  اساسا  كلام أرد بيه علي واحد يقولي لأ  ينفع !


والله لو وصلت اني اسيب الست دي  منسيب بعض ..  انما اني اتجوز اسما فقط ..  وجوهر الزواج  اساسا والهدف منه ميتحققش : وجود رجل جمب ست والعكس والعيشة مع بعض .. واسافر واسيبها  ونشوف بعض حسب تساهيل  من بيده الامر ! .. طبعا الكلام ده  كلام فارغ ..


احد معارفي اشترك معي في الكلام  علي هذه النقطة  واستدل  بقصة ان واحد يعرفه  متزوج من فتاه في احد المحافظات .. وانه  لا يراها غير يوم واحد في الأسبوع .. وانه قاعد لوحده في شقة جنب شغله .. وبالصلاه عالنبي مراته قاعدة  من غير راجل كدا  وايه :  بعد ما اتجوزت خلاص !  يعني اقولك  جوعني  ماشي .. انما توريلي  الأكل علي فخامته صح  ويا دوب  مكلتش منه غير لقمة  وبعدين تبعده عني ؟؟!!   تبقي  طبعا قصة كبيرة !


وربنا يكون في عون الاتنين .. فما كان مني  الا اني قلت  لهذا الرجل .. طيب وايه الي يجبره انه يشتغل في القاهرة اساسا .. طيب منا الف  محافظتي  حتة حتة  واشوف في شغل أو  لأ ! .. اجيب  مراتي معايا  في القاهرة يا سيدي   والايجار كدا كدا مدفوع !  ولو خايف عليها من قعدتها  لوحدها  اهي احسن متقعد هيا والحرمان من راجل في مكان واحد !  انشالله  تسد  كل مخارج شقتك  عليها  لو خايف عليها فعلا يعني وبتحبها ؟!


وقس علي ذلك أمثلة كثيرة من القصص الغريبة ..  فده رجل  في السعودية  ومراته في مصر وبأولادها !  بمشاكلهم ومستجدات  حياتهم و   هو تاركها بدون رجل  لمجرد الفلوس !   .. وطبعا  اللي هينكر انه متجوز  من واحدة تانية  في السعودية  يبقي أكنه بينكر مثلا  زحمة المواصلات كل يوم الصبح !  او الخناقات علي العيش كل يوم .  او  قلة عقل مخرجي  مسلسلات رمضان !


أخيرا  هحط  قصة كتبتها بنفسي نقلا عن كتاب للدكتور مصطفي محمود : شكوي ورد عليها من الدكتور ايام عمله في مجلة صباح الخير في السبعينات  .. ثم  جمع القصص في كتاب بعنوان  55 مشكلة حب ..  والتعليق لكم طبعا !


*   *    *


 


هي مدرسة  وأنا مدرس ..


تبادلنا  حبا عميقا  جارفا .. وتعاهدنا علي الزواج  . وبدأنا  نحلم بعشنا السعيد ونفكر في ميزانية عامنا الاول ..


هي تتقاضي 45 جنية  . وانا  45 .. أي ان ايرادنا تسعون جنيها في الشهر  .. ندير بها بيتا  انيقا ..وننفق منها علي طفل


وبدأنا نكتب أحلامنا .. أرقاما علي الورق .


نفقات الأكل والشرب  .. والثياب .والمواصلات .  والبواب والسينما والمصيف


وتبخرت الجنيهات التسعون..ومازلنا نكتب  .. ونكتب ..


وكان من الواضح ان أحلامنا  أكثر من ايرادنا ..وأننا أفقر  من أن نبني العش الأنيق الذي رسمناه في أذهاننا ..


وبدأنا نفكر ..قلت لها :


-          سوف أسافر الي السعودية وأقضي عاما في جدة .. أعود بعده وقد وفرت مبلغا كبيرا .. فنتزوج ونبدأ حياتنا ..


ووافقت بعد تردد .. وهي تضغط علي يدي في إمتنان وتبادنا  نظرات الوادع .وذهبت الي السعودية ..وبدأت احترق وحدي لا من نار جدة  .. ولكن من نار فراقها .. وبدأت ارسل لها  خطابات طويلة  .


 و اقول لها اني أكتشفت ان الحياة ليست ميزانية ولا أرقاما .وأن الفرق بين التسعين والألف ليس  هو الشئ الذي يسعد ..بينما الذي يسعد هو قلبان متحابان يعطف كل منهما علي الأخر ..واننا  نستطيع ان نعيش سعداء بجنيهاتنا التسعين


وكانت ترسل لي قائلة انها اكتشفت هذه الحقيقة هي الأخري ..وانها غيرت رأيها .


وكانت خطاباتنا تفيض حنانا ورقة ..


وحينما عدت كنت أريد ان أراها .. وقد تغيرت الي امرأة جديدة ..تنظر الي الحب كما أنظر اليه ..علي انه مرتب اضافي وكسب أغلي من الذهب .. وقد وجدت انها اقتنعت


 


اقتنعت جدا .. وأخذت بهذا الرأي الوجيه .. فتزوجت  من زميلي المدرس الذي  يتقاضي 35 جنية فقط ..


لقد نجحت كمدرس  وفشلت كحبيب .. إبك من أجلي !


 


*   *    *


رد د/ مصطفي محمود : 


هناك فئة من الناس تتقن فن الشرح ..ولكنها لا تتقن فن الشعور .. هؤلاء خلقوا مدرسين بالفطرة ... وانت واحد من هؤلاء ..


لقد استطعت ان تعطل كل احساساتها وتمسك لها بالورقة والقلم وتشطب علي ايرادها وايرادك , وعلي العش الأنيق الذي بنيتماه في أحلامكما


وقلت نحن في حاجة الي المزيد من الجنيهات .. وكنت مقنعا لدرجة أنها أطلقتك من يدها وهي تحبك لتغيب في حر السعودية .. تجمع لها رحيق الذهب من الحقول .


وحينما قضيت سنة تحت شمس جدة .. وأفقت علي حقيقة جديدة  : كنت غاية في الإقناع في تقديم هذه الحقيقة وشرحها 


وبلغ من نجاحك انها عملت بوصيتك بحذافيرها قبل أن تغلق الخطاب !


فتزوجت من زميلك الفقير الذي لا يتقاضي سوي 35 جنية ..


لقد كنت فنانا في تحريك عقلها  ..ولكنك لم  تحرك قلبها قط ..


انها لم تحبك بالقدر الكافي في يوم من الأيام .. لقد كانت تحترمك فقط .وتستمع اليك كالتلميذة النجيبة ..


ان الحب  لا يحركه مهندس يمسك بالمسطرة والبرجل ويرصد الأرقام في ورقة ..


ولكن يحركه شاعر رقيق مجنون ..يلعب علي القلب ..


النساء – حتي المدرسات منهم – يعشقن الشعراء والمجانين !


 


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


 


انتهت القصة .. فهل تري ان الجدال في هذا الأمر يستحق  ؟!

0 التعليقات:

إرسال تعليق