في رثاء مصطفي محمود .. ،

الثلاثاء، 3 نوفمبر 2009



في رثاء مصطفي محمود .. ،


تعمدت ان اضع الصورة قديمة مشوشة عليها شعار القناة الاولي القديم .. كما في ذاكرتي تماما !


لا اذكر مع ابي رحمه الله من طفولتي غير مشاهد معينة و مناظر استعيدها بالذاكرة المشوشة قد تكون عند البعض عندما اذكرها في غاية التفاهة والاعتيادية .. الا انها عندي وفي نفسي احمل لها مكاناً خاصاً واعتباراً مميزاً .. اذكر بالتحديد جيدا ً ان ابي كان لا يعرف شئ اسمه الراحة او الأجازة وقت الدراسة ..


وكان يعتبر ان أي خمس دقائق عابرة تمر منا في اليوم هي تضييع وقت كان يقابلها بتبرم وضيق وزم شفتين .. اما عن يوم الخميس وهو طبيعي ان يكون يوم مرح ولعب في حياة أي تلميذ ..فحتي هذا كان لا يعطيه لنا لنلعب فيه باعتباره ( ويك اند ) كما يفعل كل الناس .. الا يوم واحد ..


والا ساعة واحدة .. !


كان هو يشدنا من ايدينا ويغصبنا قهراً علي مشاهدة .. فقرة ما في التليفزيون .. يظهر فيها رجل كبير السن ضعيف القامة .. اسيان الملامح .. رأسه الي اسفل دائماً وهو يتكلم او وهو يسكت ..شأن جميع الشعراء والحكماء .. تثقل رؤوسهم بما تحمله من الحمول والهموم والحكمة التي اعيت من أبتلي بها ! ..


مازلت اذكر موسيقي الناي في البداية والنهاية .. موسيقي طويلة حزينة .. تبث في نفوسنا رهبة من شئ ما واكننا مقبلين علي شئ مقدس ! .. ومازلت اذكر الرعشة الطفولية الفرحة في نفوسنا ونحن نسمع منه عبارة يقولها بالعامية بعد مقدمة غير طويلة .. :


ونشوف الفيلم !


الفيلم .. قصة رجل لا صفة له ..!



مصطفي محمود ..


فقط ..


لا تستطيع ان شئت الدقة ان تطلق لقباً علي هذا الرجل .. فهو دكتور .. وهو استاذ .. وهو كاتب .. وهو فنان ..وهو اديب وهو روائي .. وهو مبدع وهو صحفي ... وهو عالم ..وهو مكتشف .. وهو داعية اسلامي .. وهو مقدم برامج .. وهو محلل سياسي ! اذا انفرد بحرفة واحدة فقط من كل ذلك وعرفناه بها لكفاه !


اختارته مؤسسة السيرة الذاتية الامريكية ضمن‏120‏ مفكرا من مختلف دول العالم يضمهم كتاب يحمل اسم‏'‏ اعظم العقول في القرن ال‏21'‏ ويتضمن الكتاب السيرة الذاتية لاصحاب الانجازات من الكتاب والفلاسفة والعلماء والفنانين واصحاب المشاريع والمخترعين والقادة‏


نشر له 89 كتاباً بينها ست مسرحيات مثلت على المسرح .. و روايـة ظـهرت فى السينما.... و خمس و عشرون كتاباً فى الإسلاميات و ثلاث روايات طويلة و الباقى دراسات و قصص قصيرة .


و قدم للتلفزيون أكثر من أربعمائة حلقة من برنامج العلم و الإيمان و هو برنامج يتخذ من الصورة و المادة العلمية و التأمل الصوفى مدخلاً إلى الإيمان بالله . يقول : لو سئلت بعد هذا المشوار الطويل من أكون .. هل أنا الأديب القصاص أو المسرحى أو الفنان أو الطبيب لقلت كل ما أريده أن أكون مجرد خادم لكلمة لا إله إلا الله !


طفل يرسب ثلاث سنوات في اولي ابتدائي .. شأن معظم العظماء والمبدعين الكبار جداً وهم فئة قليلة .. كأينشتين واديسون ونيوتن والعقاد وغيرهم ! ضد النمطية والتلقين والتدجين منذ نعومة اظفاره .. رقد مريضا وهو طفل ..حرم نعمة اللعب واللهو كأقرانه ..طفولة هي الخيال والانطواء .. اثرت فيها حلقات الصوفية التي حضرها مع والده .. عشق آل البيت وتعلم حبهم و التفكير مثل اقطابهم والتحليق كما حلقوا في سماوات لا نعرف عنها شيئاً ..


مراهقته وصفها : بمغالبة حصان جامح .. يفلت لجامه مرة ويحكمه مرات .. صراع صعب طويل خلف وراءه جسماً مغطي بالكدمات والجروح ..!


اختار الطب لانه يرضي فضوله وتوقه لفض الاسرار ..الا ان جسده الضعيف لم يطاوعه علي ارهاق التفكير والدراسة حتي جلس سنتين مريضا معتكفاً .. يقرأ في امهات الكتب وتكونت فيه شخصية المفكر المتأمل و ولد منها الكاتب والأديب ..


سبقه زملائه في التخرج بسنين اما هو فواصل اعتكافه الا ان هذه المرة في المعامل و المشرحة وغرف التخدير والتشريح كان يتأمل في الجسد الميت بالساعات ليعرف اسرار الحياة والموت .. الأمر الذي اوصل زملائه بالكلية الي تسميته بال" مشرحجي " !


وقال عن تلك الفترة فيما بعد : " أن المرض و المعاناة و العزلة الطويلة فى غرف المستشفيات قد فجرت مواهبى . و الألم كان الأب الحقيقى والباعث لكل هذه الإيجابيات و المكاسب التى كسبتها كإنسان و فنان وأديب و مفكر . و الألم أيضاً هو الذى صقل أخلاقى و جلا معدن نفسى و فجر الحس الدينى فى داخلى و كان أداة التنوير و الصحوة و التذكير بالله " .


فشل في زواج .. انتهي بالخلوة !



لم تنقطع علاقتة بالمرأة صداقة و حواراً و حباً و عشقاً منذ نضج و منذ بدأ يخوض الحياة فى سن الثلاثين . وكان ضعفه أمام الجمال دائماً سبباً لعثراته ..كتب عن ذلك واستفاض كتباً ومقالات عن المرأة والحب والحياة والعشق والروح والجسد .. ورغم هذا لم يوفق في زواجه الأول سنة 61 وانتهي بطلاق بعد 12 سنة .. ولم يوفق في زواجه الثاني ايضاً الي انتهي بطلاق بعد 4 سنوات ..ومن النوادر التي تناقلت عن ذلك انه عرض عليه الرئيس السادات منصب وزير


فرفض مداعباً السادات قائلا: " انا معرفتش أمسك بيت .. هعرف أمسك وزارة ؟ "



كانت شخصية الفنان و الكاتب بشروده و إستغراقه فى العمل وإنقطاعه الى الوحدة سبباً فى فشل هذه الزيجات .. يقول :


" قررت بعد الفشل الثانى أن أعطى نفسى بالكلية لرسالتى و هدفى كداعية إسلامى و مؤلف و كاتب و أديب ومفكر .. وقد إقتنعت تماماً بأن هذا قدرى .. و رضيت به .


ومنذ هذا الحين و أنا أعيش فى جناح صغير بمسجدى بالمركز الإسلامى بالدقى .. أغرق وحدتى فى العمل المتواصل و العمل الناجح الموفق فى نظرى هوعلاج لكل الأمراض البدنية و العلل النفسية .. والقدرة على العمل و الانتاج اكبر نعمة يمنحها الله لعبده . تعودت ان اعطى ظهرى لكل حقد او حسد او عداء و لا اضيع وقتى فى الاشتباك مع هذه الاشياء .. و أفضل أن أتجنبها و أتجنب أصحابها حتى لا أبدد طاقتى فى ما لا جدوى وراءه " .


الجمعية والمسجد .. قصة غريبة للغاية !



في نوفمبر 74 ارسل الدكتور مصطفى محمود خطابا من تونس الى المهندس مختار حسين المقيم فى المانيا يفيده ان معه اربعة الاف جنيه ويريد بناء مسجد بالقاهرة وبه عيادات طبية ! واقترح على المهندس مختار مساعدته فى ذلك قام المهندس مختار بعمل دراسة مبدئية مستعينا بأحد المقاولين المصريين تبين من خلالها ان تكلفة انشاء المسجد تصل الى 150 الف جنيه تقريبا - بأسعار عام 1974 – بالإضافة الى ثمن الأرض وذلك يتوقف على المكان المناسب – ان وجد - بالقاهرة


رد المهندس مختار - نوفمبر 74 - باستحالة تنفيذ رغبة دكتور مصطفى لان ذلك يزيد عن طاقتنا المالية ، واقترح عليه القيام بعمل خيرى صغير بمصر يناسب امكانياتهم آنذاك


يقول المهندس مختار حسين فى أحد خطاباته للتأريخ للجمعية ” انه عندما قام بدراسة تكاليف حلم دكتور مصطفى محمود قام بالحسابات المادية من تكاليف بناء وحديد وعمال بناء . الخ وعندما رفض المشروع نسى شئ هام جداً هو: ” إرادة الله القادر على كل شئ ”


يناير 75 خطاب من دكتور مصطفى محمود للمهندس مختار يقول فيه بالحرف الأتى :


حيث انا فى طريقى الى استلام قطعة ارض مساحتها 2500 متر مربع فى محافظة الجيزة فى مكان رائع هو ميدان جامعة الدول العربية بالمهندسين وقد وضعت المشروع على اساس ان يكون مسجد متعدد الخدمات اى مسجداً ملحق به قاعة محاضرات ، وفصول دراسية ، ووحدة علاجية ، ومركز تدريب الفتيات على الحرف اليدوية ، ومكتبة .


وقد وضعت فى البنك مبلغ 4000 جنيه مصريا وسوف احاول ان اشترك بأكثر من ذلك ، وانا انتظر مساهمة سخية منك – م مختار- وممن تعرفه كما اصارحك وليس بينى وبينك سر – ان الـ 4000 جنية هى كل مدخراتى ”


بعد ذلك توالت التبرعات من جهات كثيرة اثناء البناء الى ان تم المشروع وافتتح المسجد للصلاة عام 1979 ، وأشتمل عندئذ على عيادتين صغيرتين فى نفس المبنى واحدة للأمراض الباطنية والثانية عيادة اسنان .


وتوالت التوسعات فى الجمعية تدريجياً فى الخدمات الطبية والاجتماعية وكلها موجهه لخدمة المرضى والفقراء ومحدودى الدخل


عن نفسي دمعت عندما عرفت ان كل مدخرات رجل بهذه المكانة وعائد جميع كتبه واعماله بكل طبعاتها لم يستطع ان يدخر اكثر من 4 الاف جنية ! في الوقت الذي يأخذ فيه الان أي مطرب مخنث في ساعة غناء هذا الرقم مضروباً في الف فأي مهزلة !


اخر ايامه ورحيله..!



لن اخوض في تفاصيل اخر ايام هذا الرجل .. التي بدأت بضغط من الاهرام المصرية عليه كي لا يتوسع في كتاباته عن اليهود .. حتي وصل الامر الي وجود حراسة اسفل منزلة خوفاً من الاغتيال ..


عن ملاحقة الكبار له كي يتوقف عن الكتابة .. ان لا يظهر مرة اخري علي التليفزيون .. عن الراتب المخجل الذي كان يتقاضاه عن برنامج العلم والايمان الذي كان يسافر علي نفقته الخاصة كي يجمع مادته العلمية النادرة من اجل 400 حلقة من البرنامج الذي حقق عوائد للتليفزيون المصري اكثر من أي مطربة عارية او شاب مخنث يرقص في الحفلات .. عن مساعدة رجال الاعمال له كي يستكمل البرنامج علي نفقتهم كأننا أيتام في هذه البلد لا نجد من يدعمنا في نجاحنا ويحتفل فقط بالهلاسين والمهرجين واصحاب العاهات الفكرية . .


عن حزنه ونفسيته المثقلة بالخواء والفضاء لان احدا لا يزوره في وحدته ولا يعوده في مرضه ..


لن نخوض بالتفصيل عن هذا فيكفي ما اقدرة انا فقط لرجل مثل هذا قرأت كتب له بدل المرة الواحدة اثنتين .. حتي قبل ان اعرف خبر موته باسابيع كنت غارقاً في ذهولي بردوده علي اصحاب المشاكل النفسية والعاطفية في كتاب "اعترافات عشاق "..


هذا الرجل مهما افردنا له من المساحة و مهما طولنا واسهبنا فسوف لن نعطيه مثقال ذرة مما فعله من افادة لنا ولغيرنا علي مدي اكثر من نصف قرن ..


فقط اعماله هي التي ستحكي لنا بزيادة عما نعرف عن قصته .. قصة رجل لا تكفي لسرد قصته الكتب


وتعجز عن عزائه السطور .. ،



اقدم لكم مع الموضوع هدية بسيطة وهي اغلب مقالات الدكتور مصطفي محمود الموجودة علي الانترنت . تجدونها علي هذا الرابط


lazeeez.com



* كتابة شخصية مع اقتباس من السيرة الذاتية للدكتور .

فيلم هندي ! ( عن الجزائر التي ستتزوج مصر في القاهرة ! )

الأحد، 1 نوفمبر 2009



فيلم هندي ! (  عن الجزائر التي ستتزوج مصر في القاهرة ! )


تقلقني كثيراً النبرة او اللهجة التي يتحدث بها الطرفان كلاًَ من مصر والجزائر بكامل افراد كل طرف بدءاً من المذيعين في فضائيات مصر والجزائر وصحف كلا من البلدين .. مرورا بمسئولي اتحادات البلدين الكروية انتهاءاً بالجماهير في كل منهما .. النغمة مخيفة جدا في الحقيقة وتنذر بسوء العواقب اثناء اللقاء وبعده ... تجاوز الامر فعلا مباراة كرة قدم واصبح اشبه بمعركة حربية ونفسية .. وان كنت اري ان تصرفات الجانب الجزائري اشد استفزازاً وتحدياً وندية وتربصاً !


بدأت الحكاية بعد مباراة الجزائر ورواندا عندما رأينا علي شاشة راديو وتليفزيون العرب اي ار تي السيد محمد روراوة رئيس الاتحاد الجزائري لكرة القدم وهو يجيب علي سؤال المذيع ( وهو سؤال مشبوه كان يقول ماذا تقول لكلا من هاني ابو ريدة وسمير زاهر ..! ) رد روراوة وقال : اتمني من الاخ سمير زاهر ان يضح حبة بمخه الرياضة وان يعمل قيمة للاخوة الرياضية .. قالها متهكماً !


وما لبثت الشروق الجزائرية وغيرها من الصحف ان تنافست في حقن الجمهورين عن طريق الاخبار الملفقة تارة و الكاريكاتيرات الساخرة المثيرة تارة حتي وصل الامر الي ان طالعتنا جريدة الجزائر نيوز بصورة تظهر حفل زواج كان العريس فيه رابح سعدان و العروسة هي حسن شحاتة تحت عنوان يقول : سنتزوج مصر في القاهرة !! ( في الصورة بالاعلي )


هذا بلا تجاهل تصريحات اللاعبين التي تظهر فيها نية الصحافة في الصيد بالمياة العكرة بتحريف الكلام ووضع عناوين مثيرة ابعد ما تكون عن كلام اللاعبين الحقيقي واقرأ اي تصريح و حاول ان تجد علاقة بين العنوان وبين الحوار نفسه !


سعدان : جاهزون لـسـحـق الفراعنة !


قاسي سعيد الجزائري لاعب الزمالك السابق: الجماهير المصرية ستصفق لنا بعد الفوز في القاهرة !


صحف الجزائر تسخر من مهاجى الزمالك وتتسأل هل يتوقع المصريون تسجيل ثلاثية في شباكنا عبر هذا الثنائي الضعيف !


منجم من البليدة يتكهن بنتيجة التعادل في القاهرة! ‏( حتي المنجمين بياكلوا عيش من اللي حاصل ! )


شوقي غريب‏:‏ منتخب الجزائر يعاني ضغط نفسي رهيب !


طارق دياب التونسي للجزائر: أحذروا ضغط الجماهير المصرية.. والشعب التونسي يساندكم ! ( يا عيني عالمساندة نكونش احنا اسرائيل ! )


زيدان : قادرون على تحقيق الفوز ولكن ليس بثلاثية بل برباعية نظيفة ‏ !


عنتر يحيي: زيدان فاشل .. وانتصرت عليه في لقاء دورتموند وبوخوم!


اسرائيل تتمنى فوز مصر على الجزائر ! ( اصل اسرائيل فاضية ! )


صحيفة جزائرية : نقل مباراة مصر والجزائر للأسكندرية خوفا ًمن صدمة الجماهير في حاله الخسارة ! ( لا تعليق ! )


حسام حسن- لو كنت موجود للاعبت الجزائر بمفردى, و اطالب الجماهير بعمل زلزال 7 ريختر ! ( لا مقاتل ! )


حازم الكاديكي : اتوقعها رباعية مصرية في الشباك الجزائرية ! ( معلقين الاي ارتي وشعارهم : خليها تولع ! )


بعد كل هذا هل نتوقع ان نري كرة قدم حقيقة من العرب في كأس العالم .. ام اننا نري نفس المشاحنات والحروب كل تصفيات كأس عالم والامر لا يتخطي ان نري الفريق العربي المتأهل مهما كان اسمه كل كأس عالم لا يصعد حتي الي ما بعد الدور التمهيدي ! فأي كأس عالم !


اقول لكم واجري علي الله .. نحن نسعد كل السعادة ونحقق كل الاماني من كرة القدم بالفوز علي تونس او المغرب او سحقنا للجزائر .. لا انكر اني نفسي فقط ان نهزم الجزائر بعد ما رأيناه منهم من غرور و طيش في التصريحات ! ولكني اتمني بالمثل لو صعدنا او حتي الجزائر صعدت ... ان نري فريقاً ( محترماً ) في كأس العالم لا ان نري العجب من فريق كمصر يهزم ايطاليا بطل العالم ثم يشيل من امريكا بالثلاثة ! بالمثل اتمني الا نري الجزائر تصعد بعد كل هذه الزيطة والتهليل والنفخ والزمر لنري فريق من ذوي الاحتياجات الخاصة في كأس العالم يتعادل مع هندوراس و يخسر من جامايكا بالخمسة و من بلجيكا مثلا او كولومبيا بالدستة !


كل التوفيق للعرب في كأس العالم ..


اياً كانوا .. ،